المنطقة العربية هي واحدة من أكثر المناطق تحضرًا في العالم، حيث يعيش 56٪ من سكانها البالغ عددهم 357 مليون نسمة في المدن وهذا العدد آخذ في الإزدياد. وقد ضاعفت العمليات الديموغرافية السكان أربعة أضعاف في السنوات الأربعين الماضية، كما أن الهجرة من الريف إلى المدن، وتدفقات اللاجئين الناجمة عن الصراعات والكوارث الطبيعية جلبت المزيد من الناس إلى المدن، سعيًا للحصول على نوعية حياة أفضل والاستقرار والأمان. هذا الإتجاه مستمر وبالتالي فإن التوسع الحضري سيظل أحد أهم مصادر التحول الاقتصادي والاجتماعي في العقود القادمة.

لطاما كانت المدن هي مراكز النمو والإنتاجية والابتكار، وتلك هي العوامل التي يرتبط بها ازدهار الدول ارتباطًا وثيقًا. ولقد بات العالم أكثر وعيًا وإدراكًا لهذا الترابط، ولا تُستثنى المنطقة العربية من ذلك. وهكذا، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) من خلال مكتبه الإقليمي للدول العربية وتحت رعاية الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية، اجتمع القادة العرب في المنتدى الوزاري العربي الأول للإسكان والتنمية العمرانية لمراجعة كيف يمكن تحقيق دور التوسع الحضري بوصفه مصدرًا للتنمية ومساهمًا في إحلال السلام والاستقرار من خلال تضافر الجهود عبر الإقليم.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا النهج يتوافق مع جدول أعمال التنمية المستدامة الذي تم اعتماده مؤخرًا، والذي يهدف، من خلال هدفه الحادي عشر إلى "جعل المدن شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة". وقد أظهرت الدول العربية بالفعل التزامها نحو تحقيق هذا الهدف ليس أقلها من خلال وضع استراتيجية جامعة الدول العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة والتي تم التصديق عليها في ديسمبر/ كانون الاول عام 2015. وسوف يدعم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) الدول العربية في الجهود المبذولة لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة وضمان حق السكن الملائم للجميع، وذلك في إطار جدول الأعمال الحضري الجديد الذي سيتم الإنتهاء منه في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث) المزمع عقده خلال عام 2016.

وعلى الرغم من أن موئل الأمم المتحدة يؤمن بقوة أن التوسع الحضري يمكن أن يكون حلًا وليس مشكلة، هناك العديد من القضايا التي لا يزال يتعين التصدي لها. هذه القضايا متنوعة للغاية وتتراوح بين عدم وجود سياسات مترابطة والتوسع السريع للمستوطنات غير رسمية إلى توفير غير كافٍ للمأوى والخدمات الحضرية الأساسية. ويتناول المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية هذه القضايا من خلال نهج ثلاثي المنحى مصمم لتحقيق التوسع الحضري المستدام، ويتألف هذا النهج من التشريعات والحوكمة الحضرية والتخطيط الحضري والتصميم والتمويل الحضري.

ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) أيضًا على أهمية حقوق الإنسان وقضايا النوع الإجتماعي والشباب وتغير المناخ بوصفها قضايا شاملة في عملها. وهذا هو الأساس الذي يبنى عليه موئل الأمم المتحدة مجالات اهتمامه وتركيزه السبعة وأدوات تطويرها والتي من خلالها نطمح لتحقيق مستقبل حضري أفضل للشعوب في المنطقة العربية.