التخطيط والتصميم الحضريين

دومًا ما تعجز إستراتيجيات التخطيط العمراني والأطر الخاصة به عن مجاراة المعدل السريع لعملية التحضر، وهو ما يتسبب في ظهور نماذج تلقائية وعشوائية من التحضر، تتسم بأنماط أقل كثافة وغير فعالة لاستخدام الأراضي. ويقع ضمن ذلك نقص الأماكن العامة الحضرية التي عادة ما توفر متنفسًا للبيئات الحضرية وتقوم بوظيفة اجتماعية مهمة في المجتمعات العربية. ويعوق عملية التحضر المخطط لها في المنطقة العربية غياب السياسات الحضرية المتسقة على المستويات الوطنية ودون الوطنية وعلى مستوى المدن، و كذا غياب الاتساق بين الإستراتيجيات القطاعية، وغياب الصلة بين إستراتيجيات التنمية المكانية و إستراتيجيات التنمية القطاعية؛ ولهذا تفتقر الحكومات المحلية والبلديات إلى إطار لتوجيه وتخطيط وتنظيم التنمية العمرانية والتوسع الحضري على نحو ملائم،  كما أنها تفتقر أيضًا إلى القدرة والامكانيات والموارد اللازمة للقيام بذلك. كما يؤدي أيضًا غياب التنسيق بين الادارات /الوزارات إلى وضع سياسات متضاربة في بعض البلدان.  ونتيجة لذلك، يتم إعاقة قدرة عملية التحضر على دفع النمو والتنمية. ومن أجل تغيير ذلك،  يجب تبني نُهج أكثر شمولية للتنمية العمرانية على أن يتم توجيهها عبر سياسات حضرية وطنية. وبالنظر إلى خبرته الطويلة في هذا المجال بالإضافة إلى الأدوات التي يمتلكها، يعد برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) على أتم استعداد لدعم خطة الحكومات العربية وتصميم النمو الحضري المستدام. وتشمل الأدوات المستخدمة في المنطقة العربية التخطيط الحضري والمتروبولي/ تخطيط المدن الكبرى، وتخطيط الأحياء، وتوسعات المدن المخطط لها، وتصميم الإدخال الحضري.

المملكة العربية السعودية: برنامج مستقبل المدن السعودية

وفي سياق برنامج مستقبل المدن السعودية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة)، يعمل موئل الأمم المتحدة مع المملكة العربية السعودية من أجل وضع سياسة حضرية وطنية وتنفيذها. وقد تطلبت الإستراتيجية المكانية الوطنية السابقة لعام 2000 المراجعة وإعادة النظر من أجل الأخذ في الاعتبار استهلاك الطاقة، والاستدامة البيئية، والكفاءة الاقتصادية. كما تحتاج أيضًا إلى التعامل مع معدلات البطالة ومنع الزحف الحضري العشوائي، خاصة في المدن الكبرى (مثل جدة والرياض)، والتي تعاني حاليًا من تنامي الأحياء الفقيرة والأحياء العشوائية. كما تحتاج  السياسة الحضرية الوطنية إلى إصلاح حكم المدن؛ حيث تفتقر البلديات إلى الموارد الملائمة والقدرة على القيام بوظائف الإدارة الحضرية من خلال حكم ذاتي واسع النطاق،  كما أدى غياب التنسيق بين الإدارات /الوزارات إلى وضع سياسات متضاربة.

ويوفر برنامج مستقبل المدن السعودية نهجا شموليا لوضع سياسة حضرية وطنية تندمج مع النظام الوطني للأقاليم، والمحافظات، والمدن التي تقوم حاليًا بتبديد طاقة المراكز الحضرية وقدرتها. ومن المنتظر أن تقوم السياسة الحضرية الوطنية بتنسيق عمل القطاعات المختلفة والمستويات المختلفة للحكومة، كما ستوفر المحفزات من أجل زيادة الممارسات المستدامة، وستوفر أساسًا مخطط له ومتصل جغرافيًا من أجل تخصيص الموارد.