يهدف البرنامج إلى تحليل مدى التزام مختلف المدن في تنفيذ الاستراتيجيات المكانية الوطنية والإقليمية وجدوى مثل هذه الاستراتيجيات. كما يركز البرنامج على قدرات الهيئات الإدارية والمؤسسية المحلية وشركاء التنمية على تنفيذ هذه السياسات والاستراتيجيات. وهذا يشمل المناقشات مع مختلف شركاء التنمية ومجموعات المصالح من أجل إعادة صياغة رؤية جديدة للتخطيط في المملكة العربية السعودية تقوم على التشخيص الدقيق لكافة التحديات التي تواجه المدن، واستكشاف النمط الحضري الأمثل لتمكين المدن من المنافسة وجذب الاستثمارات، وفتح آفاق جديدة لتنمية المهارات والابتكار والتجديد، وتشجيع مشاركة الجماهير.
وللمشاركة في البرنامج، فقد تم اختيار 17 مدينة بناء على الأحجام السكانية المختلفة ومجموعة من القدرات والإمكانات الاقتصادية، وسوف تستفيد هذه المدن وتتعلم من بعضها البعض. يتم الاختيار أيضًا في ضوء سعي المملكة لخلق تنمية إقليمية أكثر توازنًا بين المدن.
يهدف برنامج مستقبل المدن السعودية لتحقيق التحضر المستدام في المملكة العربية السعودية. فهو يساهم في تغيير كيفية تصور التنمية الحضرية ومعالجتها في البلاد من خلال الترويج لبرنامج حضري جديد. والهدف من ذلك في النهاية هو بناء مدن مستقبلية يمكنها تحقيق التوازن بين ثلاثة أهداف أساسية: نوعية الحياة والقدرة على التنافس الاقتصادي وحماية البيئة.
فيما يلي بعض الاستراتيجيات الرئيسية التي يستخدمها البرنامج لتعزيز التنمية الحضرية المستدامة في المملكة العربية السعودية:
- زيادة التحليل متعدد الأبعاد والقائم على الأدلة للمدن باستخدام مؤشر ازدهار المدينة ومعالجة الزحف العشوائي للمدن والتوسع الحضري بطريقة واعية ومخطط لها.
- استيعاب الإطار التشريعي والمؤسسي اللازم لإجراء التغييرات المقترحة في كيفية تناول التنمية الحضرية وتقديم توصيات بشأنه.
- تعزيز العلاقات المؤسسية بين الوزارات والشركاء العاملين في القطاع الحضري. تقييم الثغرات الموجودة في القدرات وتطوير قدرات مصممة خصيصا لأصحاب المصلحة المعنيين.
- إشراك وإدماج احتياجات جميع السكان واحتياجات الشباب والمرأة بشكل خاص كجزء من الخطط الحضرية. تعزيز الوعي العام في المملكة بشأن مفهوم المدن المزدهرة والتحضر المستدام. إنشاء منتديات للمشاركة في قضايا التنمية الحضرية السعودية على المستويين المحلي والدولي.
تحليل الاستراتيجية المكانية الوطنية: من الاستراتيجية المكانية إلى السياسة الحضرية الوطنية
سيتعين أن تكون خطط التنمية أكثر توافقًا مع الاستراتيجية المكانية الوطنية التي بدأتها المملكة العربية السعودية في عام 2000 وقامت بتحديثها بعد ذلك في عام 2014، كما سيتعين أن تكون متسقة مع الاستراتيجيات والخطط الإقليمية والمحلية، بغية تعزيز التنمية المتوازنة مكانيًا وحماية البيئة، والحد من الزحف العشوائي للمدن. ستحتاج الاستراتيجية إلى التنقيح لأن الاتجاه الرئيسي للاستراتيجية يركز على إنشاء ممرات (شرقية ومركزية وغربية) للتنمية والاستثمار الذي يستهدف المناطق الأقل نموًا، وعلى تخصيص المدن الصغيرة والمتوسطة لتكون مراكز للنمو في المنطقة. هذا الاتجاه، وفقًا لتجارب العالم النامي الأخرى وحسب نموذج التحضر الذي تطور في المدن السعودية، لا يقلل من استهلاك الطاقة وغير قابل للاستدامة بيئيًا كما أنه في النهاية غير فعال من الناحية الاقتصادية. لم ينجح هذا الاتجاه في خفض معدلات البطالة كما لم يحد من الزحف العشوائي للمدن في المدن الرئيسية (جدة، الرياض)، مما ساعد على زيادة الأحياء الفقيرة والمستوطنات غير الرسمية.
فقد حددت جدة على سبيل المثال الكثافات السكانية المتفاوتة وشبكة الطرق المتطورة باعتبارها قضايا كبرى، جنبًا إلى جنب مع التوسع: تبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 1.765 كيلو متر مربع - أكبر من بانكوك أو نيويورك - إلا أن عدد سكان كل منهما يبلغ ضعف عدد سكان مدينة جدة. والهدف المعلن من خطتها الاستراتيجية هو تطوير مجموعة أصغر حجمًا من المناطق الحضرية عن طريق استخدام الحدود وما يقرب من 75% من الأراضي الشاغرة بداخلها.
تتعامل البلديات مع الإدارة الحضرية اليومية، ولكنها تفتقر الموارد الكافية أو القدرات المناسبة للاضطلاع بوظائف الإدارة الحضرية بأي درجة من درجات الاستقلالية الجوهرية. عدم التنسيق بين الإدارات يؤدي في كثير من الأحيان إلى وجود سياسات متناقضة: على سبيل المثال، فقد أدت سياسة الحكومة الخاصة بمنح أراض مجانية وقروض بدون فوائد لشركات التطوير العقاري، دون التشاور مع واضعي السياسات المكانية، إلى حدوث توسع عمراني غير منضبط.
يوفر برنامج مستقبل المدن السعودية نهجًا شاملاً لتطوير سياسة/استراتيجية حضرية وطنية يقوم بجمع الطاقة المشتتة وإمكانات المراكز الحضرية في إطار منظومة وطنية على مستوى الأقاليم والمحافظات والمدن. ستقوم السياسة الحضرية الوطنية بتنسيق عمل مختلف القطاعات والمستويات الحكومية، ووضع حوافز لممارسات أكثر استدامة، كما ستوفر أساس مخطط له ومترابط جغرافيًا لعملية تخصيص الموارد.
نحو تخطيط حضري شامل يرتكز على الأشخاص في 17 مدينة
ما زالت ممارسات التخطيط الحضري هي الأقل فعالية بين ممارسات الدولة. الحقيقة القائلة بأن الشكل الحضري للرياض وغيرها من ملاحق المدن السعودية الحديثة قد تطور ليصبح خليطًا من التقسيمات الفرعية المستطيلة بها كثير من الصحة.
ما زال التخطيط الحضري متمركزًا في وزارة الشؤون البلدية والقروية (مع استثناءات محدودة من أربع مدن رئيسية هي الرياض وجدة ومكة والمدينة) - على الرغم من التوسع المتزايد في تغطية المدينة - بما يتماشى في كثير من الأحيان مع الخطط المتقادمة مثل شبكة الطرق فائقة الشبكات. تم الاحتفاظ بهذا رسميًا في الرياض في الخطة الرئيسية الأولى لعام 1973، والتي وضعها أحد الاستشاريين اليونانيين على شكل مدينة حديثة وظيفية تطوق إحدى الشبكات. من بين قضايا أخرى، فقد نتج عن هذا انعزال المدينة وفرض خارطة اقتصادية على السكان مما ساند الروابط الاجتماعية على حساب الاقتصاد.
يوصي هذا البرنامج بإطار تخطيط لا مركزي مطور جيدًا يعتمد على تحليلات 17 مدينة واستعراضات للخطة، ويقدم مقترحات للحد من التوسع العمراني للمدن والذي تقوده المضاربة العقارية. ومن خلال مختبرات التخطيط العمراني المقدمة في مقترحات المدن المختارة من أجل عمليات التكثيف، سيتم تقديم الربط والتكامل من أجل الحد من خصخصة الحياة السعودية وتفضيل السكن المنفصل. يقوم البرنامج بإجراء مجموعة من الدراسات لوضع إرشادات للتخطيط تتماشى مع المعايير الدولية للحد من التبعية التلقائية والتوسع والتنمية المتناثرة وبناء الطرق الواسعة والنفقات الهائلة على البنية التحتية المكلفة والزيادة التدريجية في الكثافة السكانية. ستتم دراسة الحدود الحضرية بشكل دقيق بناء على نتائج المؤشرات الحضرية لازدهار المدينة، وذلك لوقف وتحسين التقسيم الجزئي غير الضروري للمناطق الخارجية في المدن السعودية (رغم توافر التقسيمات الجزئية غير المطورة بشكل أقرب إلى المركز)، واقتراح التدابير اللازمة لإنفاذ اللوائح بصرامة لمنع المضاربة العقارية.
قدم برنامج مستقبل المدن السعودية حلولاً للأمانة العامة للتخطيط الحضري مستخدمًا قائمة تحققا المختبرات الحضرية لاستعراضات الخطة من أجل تعزيز عملية التقسيمات الجزئية للأراضي لتطوير المجتمعات السكانية متعددة الاستخدامات، والتكثيف، والحد من التوسع، وزيادة الإيرادات البلدية من خدمات تخطيط الأراضي والخدمات الإدارية. ستقدم إحدى دراسات قطاع الأراضي والبناء مبادئ توجيهية قائمة على الأدلة للسياسات وذلك لتحديد وضع السياسة الحضرية الوطنية بشكل جيد. سيعمل البرنامج على إجراء حملة تأييد على مستوى البلاد لتشجيع التخطيط التشاركي والتغييرات التي حدثت في أنماط الاستهلاك ونمط الحياة في السكن، بالإضافة إلى تشجيع الاستخدام الفعال للمساحات.
ولقد أعدت المدن السعودية عددًا من البرامج للارتقاء بالأحياء الفقيرة وتجديد المناطق الحضرية، أما النهج الحالي المعتمد وهو إخلاء الأراضي والممتلكات مقابل الحصول على تعويض، فقد تم تنفيذه في مكة والمدينة والرياض وجدة. إلا أن هذا النموذج الذي نفذته الوكالات الحكومية لم يكن بالحل الأمثل. سيقوم البرنامج، عبر إنشاء مختبرات حضرية في مدن مختارة، بتطوير أدوات التنفيذ لرفع مستوى المشاركة والتجديد بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، وتعريف وكالات التجديد بالنماذج الجديدة للشركات الوطنية والدولية في التجديد العمراني وعمليات تحسين الأحياء الفقيرة.